روائع مختارة | واحة الأسرة | عش الزوجية | أريدها.. جميلة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > عش الزوجية > أريدها.. جميلة


  أريدها.. جميلة
     عدد مرات المشاهدة: 3294        عدد مرات الإرسال: 0

قال أحد الشباب: وقفتُ ذات يوم من أيام الدراسة أمام قاعة المحاضرات أنتظر محاضرة.

وكنت أقرأ في كتاب فشد انتباهي أحد الزملاء من هواة المعاكسات وهو واقف على حاله عندما مرت إحدى الزميلات- ممن كان يُضرب بجمالها المثل- في قمة التبرج والسفور والفتنة، فسألته:

إذا تمكنت من الزواج منها هل تتزوجها؟ فرد عليّ بدون تردد قائلاً: لا.

فقلتُ له ولماذا؟ فقال: لأني أريد زوجة تحفظ عرضي وتسعدني، جمالها خاص بي وليس للعرض في الشوارع والطرقات، فقلتُ له: وأين تجد هذه فقال لي- باختصار- في ذات الخمار...!

عزيزي القارئ والقارئة:

إن الدنيا طريق سفر، ولابد للمسافر من زاد لرحلته وأنيس لوحشته، ورفيق لطول الطريق، هل رأيت كيف اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الرفيق في رحلة الهجرة.

وكان خير رفيق وهو أبو بكر الصديق، وبالنسبة للحياة الزوجية فإن المرأة الصالحة هي خير رفيق وأفضل أنيس، تعين على مشاق السفر.

ويأمن الإنسان بها الكثير من الخطر، كيف لا وهي الصالحة الفاتنة التي من صفتها: تطيعه إذا أمر، وتسره إذا نظر، وتحفظه إن غاب أو حضر.

إن الأسرة المستقرة المتكاتفة مصدر أساسي من مصادر سعادة الإنسان، ومهما حقق الإنسان النجاح في عمله فإنه لا يشعر به إذا فشل في بناء أسرته، ومن ثم فقد جعل الله عز وجل رعاية الأسرة مسئولية أساسية لكل أب يقول تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم : 6]

ويقول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته» [رواه البخاري ومسلم].

وبناء هذه الأسرة المستقرة له تأثير مباشر على نجاح الإنسان في عمله إذ أنها عزه براحة البال والاطمئنان، فيشعر أن ظهره مؤمن من خلفه، ومن ثم لا يحمل هموماً تنغص عليه حياته وتقطع عليه تركيزه في عمله.

وتصّور على العكس من ذلك إنساناً أُبتلي بولد عاق فاسد وامرأة عنيدة متعجرفة، لا تعرف حق زوجها، تصوَّر هذه الأسرة التعيسة المفككة بدلاً من أن توفر للأب السكن والطمأنينة فإنه ينتهي من عناء العمل وتعبه ليجد المشاكل والاحباطات في بيته.

إن المرأة الصالحة هي الشاطئ الذي ترسو عليه سفينة الرجل، فيقلع عن قلبه الخوف من أعماق بحار الحياة المظلمة، وأنت في النهاية الواحة التي يحط عندها رحاله، فيجد الماء البارد العذب والظل الوارف الظليل فتسكن نفسه بعد قلق هجير الصحراء المقبضة.

يخلع أحزانه على أعتاب بابك، ويروي ظمأه من ينابيع حبك وودك.

واستمعي إلى الشاعر يقول لزوجته:

فأنت التي إن شئتِ أشقيتِ عيشتي *** وأنتِ التي إن شئت أرحتِ باليا

فأشهد عند الله أني أحبها *** فهذا لها عندي فما عندها ليا

فمن ضمن أرقى المهمات المطلوبة منك عزيزتي المرأة المسلمة كإنسانة وامرأة وعضو صالح في المجتمع، والتي تجعلك ملكة متوجة عند صاحبك أن تكوني زوجة، ليست زوجة عادية ولكنها زوجة صالحة متميزة.

المرأة الصالحة عون للزوج في الدنيا والآخرة يقول الشاعر:

وزوجة المرء عون يستعين به *** على الحياة ونور في دياجيها

مسلاة فكرته إن بات في كدرٍ *** مدّت له تواسه أياديها

في الحزن فرحته تحنو فتجعله *** ينسى آلاماً قد كان يعافيها

وزوجها يدأب في تحصيل عيشه *** دأباً ويُجهد منه النفس يشقيها

إن عاد للبيت وجد ثغر زوجته *** يَفْتُرُ عمّا يسُّر النفس يُشفيها

وزوجُها مَلِكٌ، والبيت مملكةٌ *** والحب عطر يسري في نواحيها

وقفات مع هذه الصفات:

كيف وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة؟

إذا رأينا اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج الرجل من المرأة الصالحة لوضعنا أيدينا على فضل المرأة الصالحة وأثر ذلك على نفسها وزوجها ومجتمعها بل وعلى آخرتها.

فتعالوا معنا لنكتشف هذه الصفات فيما يلي:

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً زوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته» [أخرجه أبو نعيم والحاكم].

2- الزوجة الصالحة كنز:

روى الترمذي، وبن ماجة عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة : 34]

قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه: أنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا أي المال خير فنتخذه؟

فقال: «لسان ذاكر، وقلب شاكر، زوجة مؤمنة تعينه على إيمانه» [رواه الترمذي].

وعن بن عباس رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر:

«ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته» [رواه أبو داود].

3- الزوجة الصالحة عون على نصف الدين:

فعن أنس-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الباقي» [رواه الطبراني والحاكم].

4- المرأة الصالحة متاع الدنيا وخير الآخرة:

فقد روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من سعادة بن آدم ثلاثة، ومن شقوة بن آدم ثلاثة: من سعادة بن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقوة بن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء.»

فهل رأيتِ أيتها المرأة فأنتِ سعادة الرجل أو شقاوته؟

وهل المسكن الصالح إلا بكِ، وهل المركب الصالح إلا معكِ؟

5- أنتِ نسائم السعادة ونفحات الشقاء في حياته:

فبمقدورك أن تكوني هذا أو ذاك، أن تفيضي بالسعادة عليه أو تصبي الشقاء على رأسه صباً.

قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من السعادة : المرأة تراها تعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة "ذلول سريعة السير"، فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق .

وثلاث من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوفا "بطيئة"، فإن ضربتها أتعبتك ، وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق .» [حسنه الألباني في صحيح الجامع] .

6- قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة : 201]

قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: قال: قيل إن حسنة الدنيا هي الزوجة الصالحة، وحسنة الآخرة هي الحور العين.

وقال الزمخشري في الكشاف: قال علي بن أبي طالب: الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة، وفي الآخرة الحوراء، وعذاب النار امرأة السوء.

والسؤال الآن الذي نوجهه إلى من يريد الزواج من امرأة صالحة تعينه على أمر دنياه وآخرته:

ما الصفات التي تضعها أمامك عندما تختار زوجتك؟

إن هناك ثمانية شروط أساسية لتدوم الحياة مع الزوجة وتتحقق بها أهداف الزواج ومقاصده ومنها: الزوجة عون لزوجها على الآخرة وهي لب موضوع المقال: هذه الشروط هي على الترتيب:

الدين، الخلق، الحسن، خفة المهر، البكارة، الولادة، النسب، أن لا تكون ذات قرابة قريبة.

1- الدين:

وهو أساس الاختيار فقد قال صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحبسها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» [متفق عليه].

لأن المرأة إن كانت ضعيفة الدين كانت ضعيفة في صيانة نفسها وفرجها لما له أثره على الزوج والأولاد والبيت والمجتمع، أما إذا كانت ذات دين، صالحة فهي محصنة عفيفة في نفسها وفرجها، أمينة مع نفسها ومع ربها، مخلصة لزوجها تراعي حقه وتصون عرضه وتحفظ ماله وتربي أولادها على طهر وعفاف.

2- حسن الخلق:

وهو التحلي بكريم الصفات وطيب الأقوال والأفعال:

وهو الرفعة عن رديء الأفعال وبذاءة اللسان وكفران النعم وفحش القول، وسوء العمل، ومن كان هذا خلقها كان ضررها أكثر من نفعها

3- حسن الوجه:

وبه تتم العفة والتحصن، والجمال عند المرأة أمر نسبي، وعلى من يتقدم لامرأة أن ينظر إلى وجهها حيث يُعرف به الجمال من القبح، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي بالنظر إلى من خطبها وقال: «فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» [صحيح]، أي تدوم الحياة بينهما.

وقال الأعمش: كل زواج يتم على غير نظر آخره هم وغم.

4- خفة المهر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقلهن مهراً أكثرهن بركة».

وقد أمهر صلى الله عليه وسلم بعض نسائه على عشرة دراهم، وأثاث بين من رحى يدٍ وجرّه ووسادة من الليف، وأولم على بعض نسائه وكان يجمع بين البساطة والزهد.

وهذا سعيد بن المسيب قد زوج ابنته من تلميذه بدرهمين، وحملها إليه ليلاً فأدخلها من الباب ثم أنصرف.

ومن المعروف أنه من بركة المرأة سرعة تزويجها وسرعة رحمها "أي ولادتها".

ويسر مهرها، وهذا لا يتنافى مع قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} [الطلاق : 7]

5- البكارة:

أي أن تكون بكراً، قال صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله وقد نكح ثيباً: «فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك» [متفق عليه].

وفي البكارة ثلاث فوائد:

الأولى: أنها تحب زوجها وتألفه فيؤثر هذا في معنى الود، والطبع جُبل على أول مألوف قال الشاعر:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى *** ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل للمرء يألفه الفتى *** وفؤاده دوماً لأول منزل

الثانية: أن البكارة أكمل في عدم النفرة، فإن الطبع في الرجل أنه ينفر من التي مسَّها غيره.

الثالثة: أنها لا تحن إلى الزوج الأول ولا إلى ولد سابق، وهي أكمل في الحب.

6- الولادة:

لقول رسولنا الكريم: «تزوجوا بالودود الولود» [صحيح]، وتُعرف بالشباب والصحة والنضارة لأنها دليل على الإخصاب بمشيئة الله، وإن عُرفت بالعقم فإن الرجل له أن يمتنع عن الزواج منها.

7- أن تكون نسيبة:

أي من أهل بيت ذا دين وصلاح، وإن لم تكن ذات نسب فإنها لن تحسن تربية الأبناء والبنات والإحسان إلى الزوج أيضاً.

8- أن لا تكون من القرابة القريبة:

فإن ذلك يؤدي إلى فتور الشهوة وضعف السلالة في الذرية، مما ينشأ عنه ضعف الذكاء أو تشوهات خلقية، ومما أثبته العلم الحديث أن الأمراض العقلية لها أسباب وراثية في المقام الأول ثم أسباب بيئية ونفسية.
وقال صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم».

وفي الختام ندعو الله تعالى أن يوفق كل من يريد الزواج إلى الزوجة الصالحة التي تعينه على أمر دينه ودنياه وآخرته، وتذكر معنا حديث رسولنا الكريم: «ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته».

الكاتب: د. رضا موسى

المصدر موقع مفكرة الإسلام